{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (7)}قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} تقدم في الأعراف بيانه والحمد لله {وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ} بين أن خلق العرش والماء قبل خلق الأرض والسماء. قال كعب: خلق الله ياقوتة خضراء فنظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد من مخافة الله تعالى، فلذلك يرتعد الماء إلى الآن وإن كان ساكنا، ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها، ثم وضع العرش على الماء.وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: إنه سئل عن قوله عز وجل: {وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ} فقال: على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح.وروى البخاري عن عمران بن حصين. قال: كنت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: «أقبلوا البشرى بابني تميم» قالوا: بشرتنا فأعطنا مرتين فدخل ناس من أهل اليمن فقال: «أقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم» قالوا: قبلنا، جئنا لنتفقه في الدين، ولنسألك عن هذا الأمر ما كان؟ قال: «كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شي» ثم أتاني رجل فقال: يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت، فانطلقت أطلبها فإذا هي يقطع دونها السراب، وايم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم. قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} أي خلق ذلك ليبتلي عباده بالاعتبار والاستدلال على كمال قدرته وعلى البعث.وقال قتادة: معنى {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} أيكم أتم عقلا.وقال الحسن وسفيان الثوري: أيكم أزهد في الدنيا. وذكر أن عيسى عليه السلام مر برجل نائم فقال: يا نائم قم فتعبد، فقال: يا روح الله قد تعبدت، فقال وبم تعبدت؟ قال: قد تركت الدنيا لأهلها، قال: نم فقد فقت العابدين. الضحاك: أيكم أكثر شكرا. مقاتل: أيكم أتقى لله. ابن عباس: أيكم أعمل بطاعة الله عز وجل. وروي عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلا: {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} قال: {أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله} فجمع الأقاويل كلها، وسيأتي في الكهف هذا أيضا إن شاء الله تعالى. وقد تقدم معنى الابتلاء. {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ} أي دللت يا محمد على البعث. {مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ} وذكرت ذلك للمشركين لقالوا: هذا سحر. وكسرت {إن} لأنها بعد القول مبتدأة. وحكى سيبويه الفتح. {لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} فتحت اللام لأنه فعل متقدم لا ضمير فيه، وبعده {لَيَقُولَنَّ} لأن فيه ضميرا. و{سِحْرٌ} أي غرور باطل، لبطلان السحر عندهم. وقرأ حمزة والكسائي {إن هذا إلا ساحر عليم} كناية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.